أحاديث وآثار مالكية
صفحة 1 من اصل 1
أحاديث وآثار مالكية
كتاب حسن الخلق /باب ما جاء في الغضب
مالك عن ابن شهاب ، عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف ، أن رجلا أتى إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم ، فقال :" يا رسول الله علمني كلمات أعيش بهن ، و لا تكثر علي فأنسى ، فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم :" لا تغضب"
قال حافظ المغرب ابن عبد البر القرطبي في الاستذكار8/286-287 :
و معنى هذا الحديث عندي –و الله أعلم- أنه أراد :
علمني ما ينفعني بكلمات قليلة ، لئلا أنسى إن أكثرت علي ، فأجابه بلفظ
يسير جامع ، و لو أراد : علمني كلمات من الذكر ، ما أجابه بمثل ذلك الجواب
، و إنما أراد : علمني بكلمات قليلة ، ما يكون نافعا لي .
..........وروينا عن محمد بن جحادة ، قال : كان الشعبي من أولع الناس بهذا البيت :
ليست الأحلام في حال الرضا *** إنما الأحلام في حال الغضب.
و قال غيره: لا يعرف الحـلم إلا سـاعة الغضـب
و قال أبو العتاهية :
أقلب طرفي مرة بعـد مـرة "" لأعـلــم ما فـي الناس و القـلـب يـنقـلب
فلم أر كنزا كالقنوع لأهلــه "" و أن يجمل الإنسان ما عاش في الطلب
ولم أر فضلا صح إلا على التقى "" و لــم أر عــقــلا تـم إلا عــلى أدب
و لم أر في الأعداء حين خبرتهم "" عدوا يفعــل أعـدى مـن الــغضب
و قال القاضي ابن العربي في القبس : 3/1097
ما
جاء في الغضب: أدخل مالك رضي الله عنه حديث حارثة بن قدامة المرسل عن
حميد بن عبد الرحمن أن النبي صلى الله عليه و سلم قال له : " لا تغضب" ،
قال علماؤنا : إنما نهاه عما علم أنه هواه ، كما قال
لوفد عبد القيس :"لا تشربوا مسكرا" و ترك بيان سائر المعاصي ، و إنما كان
ذلك لأن المرء إذا ترك ما يشتهي كان أجدر أن يترك ما لا يشتهي و خصوصا
الغضب فإن من ملك نفسه عنده كان شديدا سديدا و إذا ملكها عند الغضب كان
أحرى أن يملكها عند الكبر و الحسد و أخواتهما .
و قال القاضي أبو الوليد الباجي ، في المنتقى :7/214
.....شرح : قول السائل لرسول الله صلى الله عليه و سلم علمني كلمات أعيش بهن ، يحتمل أن يريد به أنتفع بها مدة عيشي ويحتمل أن يريد به و الله أعلم : أستعين بها على عيشي و لا تكثر علي فأنسى
و لعله عرف من نفسه قلة الحفظ فأراد الاختصار الذي يحفظه و لا ينساه فجمع
له النبي صلى الله عليه و سلم الخير في لفظ واحد فقال :" لا تغضب " و
معنى ذلك و الله أعلم ، أن الغضب يفسد كثيرا من الدين لأنه يؤدي إلى أن
يؤذي و يؤذي ، و أن يأتي في وقت غضبه من القول و الفعل ما يأثم به ، و
يؤثم غيره و يؤدي الغضب إلى البغضة التي قلنا أنها الحالقة و الغضب أيضا
يمنعه كثيرا من منافع دنياه ، و معنى قوله صلى الله عليه و سلم : " لا تغضب ، يريد و الله أعلم : لا تمض ما يبعثك عليه غضبك و امتنع منه و كف عنه
و أما نفس الغضب فلا يملك الإنسان دفعه ، و إنما يدفع ما يدعوه إليه ، و
قد روي عن الأحنف بن قيس أنه قال : لست بحليم ن و لكني أتحالم .
فـرع : و إنما أراد النبي صلى الله عليه و سلم امتناعه من الغضب في معاني دنياه و معاملته ، و
أما فيما يعاد إلى القيام بالحق فالغضب فيه قد يكون واجبا و هو الغضب على
الكفار و المبالغة فيهم بالجهاد و كذلك الغضب على أهل الباطل و إنكاره
عليهم بما يجوز و قد يكون مندوبا إليه و هو الغضب على المخطئ إذا علمت أن
في إبداء غضبك عليه رد عاله و باعثا على الحق .و قد روى زيد بن خالد الجهني أن رسول الله صلى الله عليه و سلم لما سأله رجل عن ضالة الإبل غضب حتى احمرت و جنتاه أو احمر وجهه ، و قال مالك و لها و غضب رسول الله صلى الله عليه و سلم لما شكا إليه رجل معاذ بن جبل أنه يطول بهم في الصلاة
و يحتمل أن يكون هذا الذي قال النبي صلى الله عليه و سلم لاتغضب قد علم
النبي صلى الله عليه و سلم أنه كان كثير الغضب قليل الملك لنفسه عنده ، و
إن كان ما كان يدخل عليه نقص في دينه و حاله من جهة الغضب فخصه بالنهي عن
ذلك ، و الله اعلم .
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى